الرباط – عادل الزبيري
أمضت الحكومة المغربية أسبوعها الأول عقب تنصيبها رسميا داخل القصر الملكي في الرباط من خلال أدائها اليمين الدستورية أمام العاهل المغربي محمد السادس، في أول وصول للإسلاميين إلى الحكم من خلال حزب العدالة والتنمية المعتدل، عقب مرور 17 عاما من التواجد في صفوف المعارضة، وتجاوز محنة كادت تعصف به بتوجه الدولة إلى حله عقب تفجيرات 16 مايو 2003، زادت من الرفض الرسمي للتيار الإسلامي وحتى للمعتدلين منه.
وقد أمسك الإسلاميون في المغرب بخيوط من خلال حزب العدالة والتنمية، وبدأوا في عملية إرسال الإشارات صوب الرأي العام المغربي والخارجي حول الطريقة التي يريدون من خلالها العمل خلال السنوات الخمسة المقبلة، وأول هذه الإجراءات الطريقة غير المسبوقة التي غادر بها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران برفقة وزرائه من منزله في حي الليمون صوب مقر القصر الملكي في الرباط أمام انبهار المارة من الراجلين وتوقف راكبي السيارات لاستكشاف وزرائهم الجدد الذين يمشون في الشارع بلا عقد ويركبون السيارات العادية.
ومن أكبر الوزراء إثارة للاهتمام، مصطفى الخلفي، وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، بإقدامه على منع تخصيص مصعد خاص به في مقر الوزارة في مدينة العرفان، وإزالته لعادة تقديم الحلوى والشاي والقهوة للصحافيين قبل الندوة الصحافية الأسبوعية التي تلي الاجتماع الحكومي، وهي الإشارات التي تناقلها الصحافيون المغاربة بكثير من الترحيب مع انتظار إجراءات عملية تخرج الإعلام المغربي من الانتظارية القاتلة التي دخلها مع الحكومة المنتهية ولايتها للاستقلالي عباس الفاسي.
وفي تصرح لـ"العربية.نت" يرى عادل نجدي، الصحافي في جريدة "المساء"، بأن يقوم وزير الإعلام الحالي ومدير جريدة "التجديد" سابقا بدعم حرية الصحافة في المغرب، وإخراج قانون جديد للصحافة يحرص على إلغاء العقوبات السالبة للحرية، وتمكين الصحافيين من حقهم في الحصول على الأخبار والمعلومات وفقا لما ينص عليه الدستور المغربي الجديد، وأن يعمل على التطبيق الفعلي لما ورد في الاتفاقيات المهنية التي سبق للحكومة المغربية أن أبرمتها مع مالكي المقاولات الصحافية فيما يخص الأوضاع الاجتماعية للصحافيين، دون نسيان مطالبته بتأسيس تقليد جديد يقوم أساسا على مزيد من الانفتاح داخل الدولة المغربية في اتجاه الصحافيين المغاربة لقطع تقاليد لا تدفع صوب تواصل القطاعات الحكومية مع السلطة الرابعة في المملكة.
ويشدد الصحافي المغربي بأنه يشعر بتفاؤل مشوب بالحذر إزاء تحقيق حكومة الإسلاميين لقفزة كبيرة فيما يخص توسيع مجال الحريات الصحافية في المغرب، ومرد ذلك إلى وجود متدخلين آخرين غير الحكومة في هذا الملف، ولم يتم التعرف على مقياس الجرأة الذي سيوجه بها عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة الجديدة للحريات العامة، خاصة في ظل تسجيل تراجع عن بعض الأشياء التي تمت المناداة بها سابقا من قبل حزب العدالة والتنمية خلال الحملة الانتخابية، وإبان تشكيل الحكومة الحالية، من قبيل تراجع رئيس الحكومة عن عدد الحقائب الوزراية الخاصة بالوزراء غير المتحزبين والمنتمين إلى المجال الخاص بالملك محمد السادس في الحكومة وهم الذين يسمون بوزراء السيادة.
ومن جهته، يرى محمد أحداد، طالب في السنة الثالثة في المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، بأن انتظاراته من وزير الإعلام الجديد تتلخص في إيلاء أهمية غير مسبوقة للتكوين في مهنة الإعلام عبر جيل جديد من الإصلاحات في معهد التكوين الصحافي التابع للحكومة والمتواجد مقره بجوار وزارة الإعلام في مدينة العرفان في الرباط، وينادي الطالب الصحافي بإعادة النظر في المناهج الدراسية بتجاوز الطريقة التقليدية في التلقين من خلال مواد دراسية جديدة ترافق التطورات التي يعرفها الإعلام عبر العالم. ويشدد الطالب الصحافي على أن المعهد مقبل على فتح أبوابه للدراسات العليا في الإعلام فهو يقتصر حاليا على الدراسة لـ 4 سنوات ما بعد شهادة الباكالوريا، الأمر الذي يقتضي جلب أطر جديدة للإشراف على التكوين مع الانفتاح على المؤسسات الإعلامية لتكون شريكة للمعهد لأن الجسم الصحافي المغربي يتم تطعيمه سنويا بخريجي المعهد الذين يتواجد عدد كبير منهم في كبريات المؤسسات الإعلامية في الخليج وفي أوروبا وفي أمريكا الشمالية.
وبالنسبة لرضوان الرمضاني مدير التحرير في "ميد راديو" المتواجد مقرها في مدينة الدار البيضاء، فإنه ينتظر من الوزير الجديد في الإعلام أن يحرك البركة الآسنة للإعلام العائدة ملكيته للدولة المغربية ليكون مرآة للمملكة. ودعا مدير تحرير "ميد راديو" الوزير الجديد للاستماع للصحافيين وليس فقط الاكتفاء بنقابة الصحافيين الرسمية التي لا تمثل جميع الصحافيين في المهنة، ونقابة مالكي المؤسسات الإعلامية، لأن أصوات الصحافيين قد تكون في كثير من الأحيان أكثر صدقا من المؤسسات الرسمية التي من المفترض فيها أن تمثل المهنة، لأن الصحافيين المغاربة يعانون في صمت.
وفي حديث لـ"العربية.نت" مع أحد الصحافيين المغاربة رفض الكشف عن اسمه وعن صفته المهنية مخافة تعرضه للطرد من المؤسسة التي يعمل بها، كشف عن وجود ما أسماه بـ "العفن" داخل الإعلام المغربي سواء الصحافة المكتوبة والإذاعية والتلفزيونية، وإلى محاربة اللوبيات المستفيدة من كل شيء، وإلى حماية الصحافيين من الذهاب من جديد إلى السجن جراء ممارسة المهنة ومحاولة الحديث عن لوبيات الفساد والاستبداد السياسي في البلاد.