الصحافة السعودية تستعيد «شبابها»
الرياض – «الحياة»
عندما أصدر السعودي محمد صالح نصيف جريدة «صوت الحجاز» كأول صحيفة سعودية في 4 نيسان (أبريل) 1932، لم تكن دولة العراق استقلت بعد عن المملكة المتحدة (3 تشرين الأول /اكتوبر 1932)، وكان لبنان ما زال راضخاً تحت حكم الانتداب الفرنسي (1920-1943)، فيما لم تكن غالبية المدارس الصحافية العربية ظهرت بعد. ثم جرى تغيير اسم الصحيفة السعودية الناشئة لاحقاً إلى «البلاد السعودية» قبل أن تستقر على اسمها المعروف حالياً «البلاد» في آذار (مارس) 1946.
وتوالت السنون لتتوالى معها الإصدارات السعودية بين صحف ومجلات تبنت قضايا كثيرة وقدمت الكثير من الأسماء التي التزمت «الوسطية»، متجاوزة ما يحاول البعض إلصاقه بها من تهم، ليثبت لاحقاً أنها «سياسية» أكثر منها «مهنية».
ويحظى المشهد الصحافي في المملكة اليوم بحراك نشط تقره الأرقام المرتفعة لمبيعات الصحف وزيادة حركة المطابع، فضلاً عن تطوير بعض الصحف وتجديد إخراجها، فيما توضع اللمسات الأخيرة لإصدار صحيفة ورقية جديدة باسم «الشرق» يترأس تحريرها قينان الغامدي بمساعدة فريق من الشباب الصحافي السعودي، وسط التزام بمنح المرأة دوراً متقدماً تمثل في اختياره الزميلة فداء البديوي كأول مساعد لرئيس تحرير صحيفة يومية (عربية) في المملكة.
وتقول البديوي في هذا السياق: «لا أفكر مطلقاً أثناء ممارستي لعملي كصحافية منذ أكثر من عشر سنوات، في كوني فتاة. فالصحافة تشترط المهنية التي اكتسبتها من خلال تنقلي بين أكثر من صحيفة طوال السنوات العشر الماضية، عملت فيها بين صحيفة «الوطن» ومجلة «اليمامة»… وغيرهما، ما أهلني لأحظى بثقة اختياري مساعداً لرئيس التحرير».
وتضيف: «كوني قيادية في «الشرق» لن يمنعني من ممارسة عملي الميداني. فنحن الصحافيين نتنفس الصحافة من خلال الميدان»، مطالبة زملاءها بـ «التخصص» لأنه – في رأيها – «يفيد في تقديم القضايا التي يتبنونها في شكل أكثر منطقية وحضوراً». وهي لا تخشى خوض تجربة جديدة: «ثقتي برئيس التحرير (الغامدي) هي الدافع لقبولي العمل في هذا المنصب التحريري الكبير. ورئيس التحرير الناجح لا بد من احترام اختياراته والثقة بأنها تصب في صالح الصحيفة والقارئ معاً».
في المقابل، اختار وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و «تويتر» ليعبر من خلالهما عن إيمانه الصريح بقدرات الصحافيين السعوديين الشباب: «الشباب هم كنز الإعلام السعودي الذي لا ينضب».
ويراهن رئيس تحرير «البلاد» علي الحسون على «الصحافيين الشباب»، معتبراً ان «الدماء الجديدة من الصحافيين السعوديين قادرة على أن تصنع من هذه العجوز (صحيفة «البلاد») فارساً، وإعادتها إلى شبابها الأول الذي كانت تتفرد به»، معلقاً الكثير من الآمال في ذلك على الشباب، بقوله: «تشهد السعودية جيلاً جديداً من الصحافيين، أهم صفاته الطموح والرغبة في صناعة صحافة حديثة قادرة على المنافسة. وسيجعل هؤلاء من الصحيفة فارساً أوّل في الميدان»، نافياً وجود أي صعوبة في عملية «تلاقي الأجيال» بين الصحافيين القدامى وزملائهم الجدد، معتبراً الأمر «ظاهرة صحية، سيحصد نتاجها القارئ والمجتمع».
ويكشف مسؤول الإنتاج في مطبعة «الدار العربية» في الرياض فيصل الحارثي جانباً آخر يشهده الوسط الصحافي السعودي يتمثل في كثرة «المبوبات» والمطبوعات الأسبوعية ونصف الشهرية: «تشهد المطبعة نشاطاً مكثفاً هذه الأيام، إذ زادت المبوبات الصادرة، وارتفعت لتصل إلى نحو 6 مطبوعات، بعدما كانت واحدة فقط، كما زادت الإصدارات الأسبوعية ونصف الشهرية»، معتبراً الأمر نشاطاً جديداً و «يحدث للمرة الأولى» في المملكة.