بقلم بوب أيغينغتون
إن تغطية أخبار الجرائم هي من أكثر الأدوار الصحفية تحدياً. فهي تحتاج إلى النزاهة والحساسية والدقة والوعي لكل ما يجري من حولك. في أحدث حلقات وحدات التدريب الخاصة بنا والتي كُتبت بناء على طلب من صحفيين في غامبيا، قام بوب أيغينغتون بتحديد القواعد الأساسية لتغطية أخبار الجرائم.
يرغب الناس بقراءة أخبار الجرائم. فهي التي تساهم في زيادة مبيعات الصحف والإعلانات التلفزيونية والكتب. إنها تتحدث عن الطمع والعنف والجنس والانتقام، كل العواطف البشرية القوية بالفعل. أحياناً تعكس الجريمة قضايا هامة في المجتمع كالفساد والمخدرات والتشرد ونقص التعليم وما إلى ذلك. وأحياناً تكون مجرد قصة جيدة ليس لها أي تأثير على نطاق أوسع. وفي كلتا الحالتين فأنت تحتاج أن تقوم بتغطيتها جيداً. وجمهورك يتوقعها. لذا فهنا بعض الأمور لتتذكرها عن تغطية أخبار الجرائم.
– كل شيء يبنى على أساسيات الصحافة الجيدة
في تغطية أخبار الجرائم كما في كافة التخصصصات الأخرى، يجب عليك الحصول أولاً على المهارات الصحفية الأساسية. وعلى نسختك أن تكون دقيقة، ويجب أن تكون التهجئة فيها صحيحة. ويجب أن يكون لديك حقائق تدعم كل جملة قمت بكتابتها. وعلى نسختك أن تكون واضحة لا لبس فيها. ويجب أن تشد اهتمام الجمهور.
– يُبنى النجاح على النزاهة
إن سلوكك الشخصي والمهني يجب أن يكون فوق الشبهات. فيجب أن تكون صادقاً وضليعاً وجديراً بالثقة وغير متحيز. ويجب أن تكون رحيماً ومراعياً لمشاعر الآخرين. لا تسيء استخدام السلطة والمسؤولية المعطاة لك بسبب مركزك. اقبل الانتقاد عندما يكون ذلك مبرّراً. صحّح أخطاءك. كن دقيقاً في مواعيدك. سلّم عملك في الوقت المحدد وكن زميلاً جيداً.
– قُم بجمع كل الحقائق
إن هذا هو متطلب لجميع الصحفيين ولكن ربما يكون بشكل خاص فيما يتعلق بالجرائم. إن الصحفي الأمريكي جوزيف بوليتزر (والذي سُميت جائزة بوليتزر من بعده) كان حريصاً جداً في تغطية أخبار الجرائم. وكان يطلب من المحررين دائماً تقديم “التفاصيل والتفاصيل والتفاصيل”. فالُقراء يودون معرفة كل شيء عن الجريمة. ما نوع القناع الذي كان المهاجم يرتديه؟ ما لون السيارة التي اُستخدمت للفرار؟ كيف كان الطقس؟ فكلما زادت الحقائق كان التقرير أفضل. لذا اعمل بجد واستمر في البحث والتنقيب وإضافة الحقائق.
– اعرف المحيطين والمهمين لعملك
إن مراسل تغطية الجرائم الجيد لا يجلس منتظراً حدوث المداهمة القادمة لأحد البنوك. لكي تتمكن من العمل بفعالية فجب أن يكون لديك علاقات ممتازة مع جميع الوكالات ذات الصلة والشرطة والهيئات الحكومية والمحاكم وموظفي الصحف. وتأكد من أن لديهم أرقام الاتصال الخاصة بك. أنت تحتاج إلى بناء علاقات عمل وثيقة، حيث عندما يحدث أمر كبير فتجدهم يتصلون بك ليخبروك بدلاً من أن تلاحقهم أنت من أجل الحصول على المعلومات.
– التعامل مع المجرمين
كونك صحفياً متخصصاً بالجرائم ينطوي على التعرف على المجرمين. وإن لهذا مخاطر واضحة سواء لعملك أو لسلامتك. إنه من المهم أن تكون مستقيماً تماماً في تعاملك مع هؤلاء الموجودين على الجانب المخالف للقانون. كن منفتحاً دائماً لحقيقة أنك مراسل صحفي. احمل بطاقتك التعريفية دائماً. قم بأخذ الملاحظات. أخبر محرر الأخبار المسؤول لأين ستذهب ومع من ستلتقي. لا تقم بمخاطرات سخيفة. وإنه وبشكل عام لا بأس بأن تكون لطيفاً مع المجرمين، ولكن ليس أن تكون صديقهم. لا تقم بأي التزامات من نحو اتصالاتك الجنائية. ففي هذا دعوة لرشوتك وإفسادك.
– التعامل مع المصادر
ضمن السجلات: إنها ممارسة جيدة أن تقوم بالتعريف بهم في سجلاتك ومصادر معلوماتك. قم بتقديم أوراق اعتمادهم كي يتمكن جمهورك الخاص أن يقرر مدى الوزن الذي تستحقه هذه المعلومات.
خارج السجلات: إن أفضل المعلومات غالباً ما تأتي من مصادر ترغب بعدم الكشف عنها. عليك أن تكون واضحاً مع هذه المصادر بشأن كيفية استخدام المعلومات وحذراً في حماية سرية هوياتهم. وهذا يعني، في نهاية المطاف، أن تكون مستعداً لأن تسجن ولا أن تكشف عن هوية المصدر.
– تذكّر أن جميع البيانات التي يتم حفظها إلكترونياً ليست آمنة
إن المعلومات التي تبقى على جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو هاتفك الجوال أو أي جهاز إلكتروني آخر تكون قابلة للاكتشاف من قبل السلطات أو اللصوص أو المتسللين. لا تحتفظ أبداً بالمعلومات السرية في شكل إلكتروني.
– حافظ على نظافة يديك
إن هذا أمر مفروغ منه، ولكن للتذكير نقول: لا تقبل أي هدايا أو مجاملات. لا تشارك في أي وقت كان بأي نشاط إجرامي أو تتغاضى عنه. لا تشجع النشاط الإجرامي بالشكل الذي يشجع الآخرين على المشاركة في الجريمة. لا تحتفل بالجريمة. لا تعظم المجرمين أو تحوّلهم إلى مشاهير.
– لا تهوّل
هناك علاقة مثبتة بين الطريقة التي تقوم فيها وسائل الإعلام الإخبارية بتغطية أخبار الجرائم، والخوف العام من الجريمة. فالجريمة هي سيئة بما فيه الكفاية. والصحفيون الذين يجعلونها تبدو أسوأ مما هي في الواقع لا يخدمون المجتمع حقيقة. لا تبالغ بأسوأ جوانب الجريمة. قم بتغطية ما حدث بعقلانية وواقعية.
– التعامل مع ضحايا الجريمة
من الواضح أن الضحايا هم الأشخاص الرئيسيون في أي تقرير. فأنت في حاجة للوصول لهم، تعامل معهم باحترام وحساسية، اجمع روايتهم للأحداث، وقم بتغطيتها بحرص. وتذكّر أن مثل هؤلاء الأشخاص يتعرّضون لضغط كبير. لا تضف عليهم ضغوطاً بتعاملك معهم بلا مبالاة. ولكن تذكّر كذلك أن الجرائم المرتكبة ضد الشخص تجعلهم ساخطين، وأن الضحايا لهم الحق بغضبهم وضيقهم.
– التعامل مع المشتبه بهم
تذكّر الافتراض القائل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وليست هذه هي وظيفة وسائل الإعلام الإخبارية بالحكم أو الدفاع، أو بإقرار الأحكام وتنفيذها. دع هذا للمحاكم.
– التعامل مع التعتيم الإخباري
أحياناً تطلب الشرطة من الصحفيين إبقاء القصة خارج الأخبار. وغالباً لأنها قد تتعارض مع عملية المراقبة المستمرة، أو تعرّض حياة شخص ما للخطر. وأحياناً تكون الدوافع من وراء الطلب أقل اعتباراً. وإنه ليس للمراسل وحده قرار التعاون في مثل هذه الحالات. ارجع دائماً لرئيس التحرير في منظمتك.
– الذوق واللياقة
إن بعض الجرائم مروعة جداً بحيث يكون من الصعب تغطيتها دون خرق حدود الذوق السليم. تعامل مع مثل هذه المواد بحرص وحساسية للثقافة المحلية ومشاعر المجتمع. تذكر الضحايا وأسرهم.
– اتجاه سائد أو لمرة واحدة؟
هذا هو السؤال المهم الذي يجب أخذه بعين الاعتبار. هل الجريمة الفردية التي تقوم بتغطيتها هي جزء من أمر أكبر يحدث في المجتمع؟ هل تثير تساؤلات عامة حول السلامة العامة؟ هل تزداد عمليات الاحتجاز لأن تعاطي المخدرات في ازدياد؟ إذا كان هناك زيادة في الجرائم القتل بالسكين بين الشباب، فما هو السبب وراء ذلك؟ إذا كان هناك نوع محدد من السيارات يتم سرقتها بصورة متكررة، فهل هناك عمل تهريبي منظم خلفه؟ اعمل سواء كان هناك سياق متكرر للجريمة، وإن كان هناك قم بإدراجه في تقريرك. ولكن إذا كان مجرد جريمة لمرة واحدة، قم بتغطيتها كما هي.
——————————————————————————–
نُشر هذا التقرير أول مرة على موقع الإعلام لمساعدة الإعلام (Media Helping Media) ونُشر على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على الإذن بذلك. وموقع الإعلام لمساعدة الإعلام هو موقع تدريبي يوفر المعلومات لوسائل الاعلام الحرة، ومصادر للصحفيين العاملين في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، والدول التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع، والمناطق التي تكون فيها حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام مهددة.
بوب أيغينغتون هو صحفي منذ عام 1969. وقد بدأ عمله في الصحف قبل أن ينضم إلى بي بي سي حيث عمل لحوالي 30 عاماً. وقد كان مدير المشروع المسؤول عن إطلاق بي بي سي نيوز على الإنترنت في عام 1997. يعمل بوب حالياً كمستشار استراتيجي إعلامي في المملكة المتحدة والخارج.