قانون جديد .. في محاولة لردم الفجوة بين الصحفيين واتحادهم
داماس بوست- “بلدنا”: لودي علي
فجوة بين الصحفيين واتحادهم عمرها سنوات طويلة.. ومحاولات لردم هذه الفجوة من خلال قانون جديد من شأنه أن يحوّل الجفاء إلى مودة، وأن يجعل من الاتحاد الملاذ الحقيقي للصحفيين على اختلاف انتماءاتهم واختلاف الوسائل التي يعملون فيها..
فهل للعطار هنا أن يصلح فعلاً ما أفسده الدهر؟
نقابتان أو أكثر
شكل تنظيمي جديد ينتظر اتحاد الصحفيين، اتحاد سيتحول من كلمة مجازية إلى واقعية, عن اتحاد لعدة نقابات تشمل جميع العاملين في الإعلام، صحفيين ومساعدين..
هذا ما أكده رئيس اتحاد الصحفيين إلياس مراد، موضحاً أن القانون يتضمن إحداث نقابتين إحداهما خاصة بالصحفيين وأخرى للأعمال الرديفة أو المساعدة للعمل الصحفي كالأرشيف والإخراج والتصوير وبعض الأعمال الالكترونية، إضافة إلى أنه من الممكن لاحقاً أن يكون هناك أكثر من نقابتين بشكل تخصصي أكثر، كأن تقوم نقابة للمصورين ونقابة للمخرجين وغير ذلك.
ويرى مراد أن تقسيم العمل الصحفي إلى نقابتين بهذا الشكل سيكون من شأنه أن يحدد من هو الصحفي الحقيقي، ومن هم الذين يقومون بالأعمال المساعدة.
مشيراً إلى أنه كانت هناك لجنة أنجزت قانوناً جديداً لاتحاد الصحفيين بشكل كامل تقريباً قبل بدء العمل على قانون الإعلام الجديد، ثم أُجّل العمل إلى ما بعد صدور هذا القانون، حتى يكون هناك انسجام وتكامل بين قانون الإعلام من جهة وقانون اتحاد الصحفيين من جهة أخرى، خاصة مع ولادة المجلس الوطني للإعلام، حيث من الضروري أن يتم العمل على المواءمة بين الأطراف الثلاثة، الاتحاد والمجلس والوزارة، فلا يكون هناك تناقض في صلاحيات ومهمات كل جهة من الجهات.
وأكد رئيس الاتحاد، أنه سيتم الاجتماع مع المجلس الوطني الذي سيشارك في لجنة إعداد القانون، إضافة إلى ممثل من الوزارة ومحامين لاستكمال الجانب القانوني، ومن المخطط أن تنتهي اللجنة من عملها خلال شهرين يمر بعدها مشروع القانون عبر القنوات الرسمية بدءاً من الحكومة.. فمجلس الشعب، والسيد الرئيس من خلال مرسوم تشريعي.
من جهته يقول مصطفى المقداد، نائب رئيس اتحاد الصحفيين، إن العمل على قانون اتحاد الصحفيين بدأ منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلا أنه جُمّد لحين الانتهاء من قانون الإعلام باعتباره البنية الأساس التي سيقوم عليها هذا القانون، وما يتم العمل عليه حالياً بحسب المقداد، هو إصدار قانون جديد لاتحاد الصحفيين يقدم توصيفاً دقيقاً للصحفيين، ويفصل بشكل أساسي بين كل الأفراد الذين يمارسون مهنة الإعلام، فالغاية من إيجاد قانون جديد للاتحاد هو تقديم توصيف دقيق للصحفي، وللآخرين الذين يعملون في مجال الصحافة، حيث يأخذ قانون الإعلام الجديد في الاعتبار تعدد وسائل الإعلام ووجود حياة سياسية متعددة.
من جهته أكد رئيس المجلس الوطني للإعلام طالب قاضي أمين، أن المجلس عندما يدعى للمشاركة في لجنة إعداد قانون جديد لاتحاد الصحفيين، سيشارك بالتأكيد، وسيكون له دور في عرض أفكار تتناسب مع قانون الإعلام الجديد.
لا زيادة في الرسوم
وعما إذا كان هناك نية لأن يتقاضى الاتحاد رسوماً أكثر من التي يتقاضاه اليوم بهدف تحسين الخدمات والضمانات المقدمة للصحفي، يقول مراد، إن رسم الاشتراك في الاتحاد سيبقى كما هو دون أي زيادة، وذلك لأن الصحفي صاحب راتب محدود، ولا يمكن إلزامه بما لا طاقة له به، ففي الاتحاد حالياً 2000 صحفي فقط مع المتقاعدين. أما في نقابة المهندسين مثلاً حوالي 200 ألف. وكذلك في نقابتي الصيادلة والأطباء، والمنسّبين إلى هذه النقابات دخلهم عال وبالتالي من الممكن أن تفرض عليهم رسوم عالية أيضاً، في حين إن اتحاد الصحفيين يعتمد على التوفير واستثمار بعض أمواله التي تصل إليه من أعضائه ونسبة 2 % على الإعلان التجاري التي يأخذها، مع الإشارة إلى أن الإعلانات قليلة هذا العام..
وأخيراً.. بناء للاتحاد
أما عن الاستثمارات التي يقوم بها الاتحاد، يقول مراد أنجزنا فندقاً في حلب، ولدينا مشروع لفندق آخر في الحسكة، وهناك مشروع تجاري كبير سننجزه في فندق دمشق، ومنذ عدة أيام تم تأمين مقر تعود ملكيته للاتحاد وهو بناء بمساحة 2320 م2 وبمبلغ 110 ملايين في منطقة القصور، وسيتم نقل مقر الاتحاد وكل الفعاليات المرافقة إلى هناك.
أما في ما يتعلق بالموقع الإلكتروني الخاص بالاتحاد، أكد مراد أن الموقع لم يطلق رسمياً بعد، إلا أنه أصبح جاهزاً وسيطلق قريباً.
الإعلام الخاص إلى حضن الاتحاد
عاش الإعلام الخاص الذي أكمل اليوم سنواته العشر حالة من الانفصال شبه التام عن اتحاد الصحفيين نظراً لتعقيد شروط الانتساب إليه والتي لم تكن تشمل إلا جزءاً قليلاً منهم.
وهنا يؤكد قاضي أمين أن هناك إشكالية تتعلق بموضوع انتساب العاملين في القطاع الخاص إلى الاتحاد، مشيراً إلى أنه من الضروري أن يراعى في القانون القادم ضم كل العاملين الوطنيين في الإعلام السوري، سواء في القطاع العام أم الخاص إلى اتحاد الصحفيين. وتساءل رئيس المجلس الوطني للإعلام عن المقصود بكلمة «اتحاد»؛ ما يعني «اتحاد من مع من؟ » لذا لابد أن يراعي القانون القادم جعل الاتحاد اتحاداً لنقابتين إحداهما تعنى بالصحفيين والأخرى بالعاملين في مجال الإعلام من غير الصحفيين.
مراد: لم يكن هناك تمييز بين صحفيي القطاعين العام والخاص
بدوره يقول رئيس اتحاد الصحفيين، إن هناك بعض الإشكالات في تعامل الاتحاد مع الإعلام الخاص، تتعلق بكيفية التقاعد لاحقاً، وبالمستكتبين من الصحفيين، وكيفية التعامل معهم، والصحف الخاصة ومن هم العاملون فيها، مشيراً إلى أن المجلس الوطني يُلزم الصحف الخاصة أن تحدد مجموعة من العاملين وتجري عقوداً معهم ليصبحوا جزءاً من الملاك بعد فترة تجربة لمدة سنة أو سنتين، لا يتعرضون للتسريح التعسفي بعدها، حتى يستطيع الاتحاد أن يقبلهم، وليكون من السهل تحديد ما يترتب عليهم من واجبات وما لهم من حقوق. مؤكداً أن الاتحاد يقبل الآن كل الصحفيين في الصحف الخاصة شرط إحضار عقود عمل مع صحفهم التي يعملون فيها تثبت أنهم صحفيون، وذلك كي لا يتم الخلط بين كل الذين يعملون في مجال الإعلام، سواء من يعملون في الإعلان أم من يعملون في التحرير.
مؤكداً أن كل من يقول عكس ذلك، إنما يتجنى على الاتحاد. ففي القانون لا تفريق بين الصحفيين في القطاع العام والخاص، إلا أن هناك أسساً لابد من اعتمادها، حتى لا يكون هناك إرباك في العمل، فنحن نريد مجموعة مستقرة حتى يمكن التعامل معها.
مشيراً إلى أن الاتحاد يعطي الآن راتباً تقاعدياً 8000 ليرة، ومعونة عند الوفاة 300 ليرة وفي نهاية الخدمة راتبين، إضافة إلى الهاتف المجاني، وإعفاءات في خطوط الانترنت وتخفيضات أخرى.
¶ صيغة جديدة
من جهته، أكد رئيس هيئة أمانة مكتب الإعلام الخاص والمراسلين وأمين الشؤون القانونية في اتحاد الصحفيين هيثم يحيى محمد، أن لدى الاتحاد خطة خلال 2012 لتعديل قانون اتحاد الصحفيين الحالي، وكافة الأنظمة المتعلقة بهذا القانون، وينتظر الاتحاد مقترحات الإعلاميين التي تتعلق بهذا القانون، حتى يتم طرحها ومناقشتها
متمنياً أن يستطيع الاتحاد من خلال القانون الجديد إدخال صحفيي الإعلام الخاص إلى جسم الاتحاد لردم الفجوة القائمة بين الإعلام الخاص والاتحاد، حيث على لجنة إعداد القانون الجديد أن تصل إلى صيغة مناسبة لضمان ذلك، تختلف بطبيعة الحال عن الصيغة الحالية، فحتى لو لم يكن للصحفي عقد مع الصحيفة التي يعمل معها أو كان غير مسجل في التأمينات الاجتماعية، على الاتحاد أن يقبل تنسيبه وأن يصبح عضواً عاملاً فيه، إذا وافق على شروط معينة ودفع رسوم انتسابه إلى الاتحاد وحدد راتباً تقريبياً ثابتاً من الممكن احتساب نسبة رسومه منه، ليكون الاتحاد المرجع والمدافع والمتابع له.
¶مراسلون بلا اتحاد
مشكلة المراسلين الصحفيين مع الاتحاد تتقاطع مع مشكلات صحفيي الإعلام الخاص بالبعد والإهمال، وفي هذا الخصوص، يتمنى جوني عبو (مراسل لعدة وسائل إعلام دولية وعربية)، على اتحاد الصحفيين أن يكون مهنياً، وأن يكون إلى جانب الصحفي أكثر من أن يكون منظمة شبه سياسية محسوبة على حزب البعث، وأن يغير لونه يوماً ما، مشيراً إلى أنه يتحدث عن آليات عمل هذا الاتحاد.
ويرى عبو أنه كان من المهم جداً لو تواصل الاتحاد في ما مضى مع المراسلين، كأن يكون هناك تبادل للرأي، من خلال لقاءات مستمرة وحوارات من شأنها تطوير عمل الصحافة المحلية، وأن يلعب الاتحاد دوراً في قضايا الصحفيين السوريين المراسلين وغيرهم، لا أن يكون إحدى المنظمات التي لا لون لها إلا ما يقوله الحزب الحاكم.
على حد تعبير جوني عبو.
ويضيف عبو، «شخصياً لا أجد نفسي في هذا الاتحاد حتى الآن» موضحاً أنه يلتقي الاتحاد مطلع كل عام أو في نهايته لتسديد ما يترتب عليه من الاشتراكات السنوية فقط.
وعن ما يقوم به الاتحاد في هذا المجال، يقول هيثم يحيى محمد، إنه من المخطط أن يكون هناك لجنة خاصة تتابع عمل الصحفيين المراسلين في سورية وتتواصل معهم بشكل مستمر لردم الفجوة بين الجسم الإعلامي في الاتحاد وبين هؤلاء المراسلين..
¶ نشد على يدك
خلال 20 سنة لم يدافع اتحاد الصحفيين عن أي صحفي لا في القطاع العام ولا في القطاع الخاص – حسب ما قاله نبيل صالح مدير موقع الجمل الالكتروني – موضحاً أن الاتحاد أشبه بجمعية خيرية تجمع المال من المنتسبين إليها وتمنح معونة عند الوفاة، أو من الممكن اعتباره مؤسسة استهلاكية – يتابع صالح – تقدم خدمات متعددة، كالجمعيات السكنية ومعونات المرض، إلا أن عملها كمؤسسة ثقافية أو قانونية غير موجود أبداً.
ويشير صالح – وهو عضو قديم في الاتحاد- إلى أنه تعرض سابقاً للتوقيف عن الكتابة وما قدمه له الاتحاد حينها، جملة واحدة فقط على لسان أحد المسؤولين فيه «نشد على يدك» دون أن يفعلوا أي شيء على أرض الواقع، مضيفاً «أعضاء الاتحاد لا يتذكروننا إلا في الانتخابات، لنبقى بعدها طي النسيان إلى الدورة الانتخابية التالية.
ما المطلوب من القانون الجديد؟
يقول قاضي أمين: على الاتحاد أن يكون المنظمة أو النقابة الحقيقية التي تجمع كل من يعمل في الصحافة، وأن تمثل الصوت المدافع عنه بما يتوافق مع قانون الإعلام الذي صدر مؤخراً.
ويوافقه الرأي يحيى محمد بأن المهم أولاً هو العمل في الفترة القادمة على ردم الفجوة القائمة بين الاتحاد والصحفيين، ويكون ذلك بأن تحمل القوانين الجديدة ضمانات أكثر للصحفيين، وتوفر لهم الحرية والتسهيلات في العمل والوقوف إلى جانبهم قضائياً.
من جهة أخرى، يقول نبيل صالح، إن الاتحاد يحتاج إلى انتفاضة حقيقية، وقانون يتساوى مع أي قانون لنقابة إعلامية في الدول التي فيها صحافة حرة، يضمن الدفاع عن مصالح الصحفيين الوطنيين والنزيهين ويدعمهم في الدرجة الأولى، فالصحفي الجيد فاعل أكثر من عضو مجلس الشعب، وهو يحصل على سمعته وثقة الناس به من خلال الدفاع عن الناس لا بالأصوات التي يشتريها.
ولابد للاتحاد من أن يبحث عن نخبة الصحفيين المنتسبين إليه ويدعمهم في مشاريعهم وخططهم. متمنياً من القانون الجديد أن يحمي الصحفيين، بغض النظر عن مواقفهم السياسية والاجتماعية؛ ذلك حتى يضمن ألاّ يصبح هذا الصحفي «ملطشة» للتجار والمسؤولين والفاسدين.
الاتحاد غير قادر على تغطية كل الدعاوى
من جهته، يؤيد قاضي أمين، أن هناك تقصيراً من الاتحاد في الدفاع عن الصحفيين, مبيناً أن هذا التقصير كان على مر سنوات طويلة.
وهنا يقول أمين الشؤون القانونية في اتحاد الصحفيين، إن هذا التقصير موجود بالفعل مشيراً إلى أن الاتحاد أصدر منذ أيام تعميماً للصحفيين بموافاة المكتب التنفيذي للاتحاد (مكتب الشؤون القانونية) بمعلومات كاملة عن الدعاوى القضائية المرفوعة عليهم لدى المحاكم السورية لأسباب مهنية، وذلك بهدف توفير قاعدة بيانات لدى الاتحاد تمهيداً للوقوف إلى جانبهم مادياً ومعنوياً.
وأضاف رئيس مكتب الشؤون القانونية في الاتحاد، أن هناك العديد من المقترحات حول هذا الموضوع والتي ستكون قيد التنفيذ فعلاً، ومنها على سبيل المثال أن ترافق لجنة مكتب الشؤون القانونية الصحفي المدّعى عليه يوم الجلسة كإعلان منها أنها تقف معه، إضافة إلى ما سيقدمه الاتحاد له من دعم مادي.
أما رئيس الاتحاد، فيؤكد أنه لم يأت صحفي إلى الاتحاد يوماً ولديه مشكلة للتسوية مع إدارته ولم يتدخل الاتحاد، إذا كان الصحفي على حق، وإذا لم يكن على حق يتدخل الاتحاد، ومثال ذلك مشكلة من هذا النوع حدثت عندما كانت سميرة مسالمة رئيسة تحرير وبقي الاتحاد يحل هذا الخلاف عدة أشهر.
إضافة إلى أن هناك صحفيين ممن أقيم ضدهم دعاوى قضائية، وضع لهم الاتحاد محامين للدفاع عنهم، وقد طلب الاتحاد من المؤسسات الإعلامية أن توكل محامين للدفاع عن صحفييها، لأن الاتحاد غير قادر على تغطية كل الدعاوى نظراً لكثرتها، إذاً، لماذا يقال إن الاتحاد لا يتدخل لحل الكثير من القضايا؟ يتساءل مراد، قبل أن يضيف: لقد تدخل الاتحاد وساهم في إطلاق سراح بعض الصحفيين الذين تم توقيفهم, من دون أن يحددهم بالاسم .