فُقدت المدوّنة السّورية المُعتقلة منذ العام 2009 وانقطعت أخبارها بعد أن وافقت محكمة الجنايات في دمشق بتاريخ 24 تشرين الأول 2013 على طلب إعفاءها من ربع مدّة عقوبتها الأصليّة التي هي خمس سنوات سجن وفق ما حكمت به المحكمة العليا لأمن الدّولة بتاريخ 14 شباط 2011 بتهمة “إفشاء معلومات لدولة أجنبيّة يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدّولة”, على أن يتمّ إطلاق سراحها فوراً ما لم تكن موقوفة لسبب آخر.
إلاّ أنّ طلّ الملوحي اقتيدت من سجن دمشق المركزيّ- عدرا- إلى مكتب الأمن القومي, حيث أفادت مصادر حقوقيّة بتاريخ 26 تشرين الأول 2013 أنّه تمّ نقل طلّ (إلى مكتب الأمن الوطنيّ ليتمّ الإفراج عنها من هناك), علماً أنّه حتّى اللّحظة لم ترد أنباء تؤكّد إطلاق سراحها.
اعتقلت طلّ الملوحي وهي في الثامنة عشر من عمرها (مواليد 11 أبريل 1991) من قبل فرع أمن الدّولة بعد استدعائها للاستجواب, على خلفيّة نشاطها في التّدوين وعلى المواقع الإلكترونية. بقيت طلّ الملوحي أحد عشر شهراً في الاحتجاز القسريّ, تعرّضت خلالها للتعذيب وسوء المعاملة, ولم يُعلن عن مكانها أو مصيرها, كما لم يُسمح لأهلها أو لمحامين أو أي جهات أخرى بزيارتها, قبل أن تحال إلى سجن النساء (دوما سابقاً), حيث وُضعت في الحبس الانفرادي كما أفادت مصادر عدّة, قبل أن تعرض على محكمة أمن الدولة العُليا بتاريخ 10 تشرين الثاني 2010.
حملات تضامن واسعة عرفتها قضيّة طلّ الملوحي التي كانت أصغر مدوّنة تعتقل في سوريّا, وقد نظّم مستخدمو الإنترنت في أرجاء العالم كافة تعبئة على الشبكة للمطالبة بالإفراج عنها. http://freetal, كذلك ندّدت منظمات حقوقية وإنسانيّة دولية وعربية وسورية عدّة باعتقالها والمعاملة القاسية التي تعرّضت لها, وحتى محاكمتها التي ذكر محامي الدفاع عن الملوحي الأستاذ خليل معتوق أنّها: قضية طلّ الملوحي لم تنظر من قبل محكمة مختصة منصفة وعلنيّة تتوفر فيها المعايير الدوليّة للمحاكمات العادلة, ونؤكد على ضرورة إعادة محاكمتها, خصوصاً أنّ القرار الصادر من محكمة أمن الدولة العليا لم تتم المصادقة عليه من المرجع المختصّ وهو نائب الحاكم العرفيّ).
علماً أنّ الأستاذ خليل معتوق ذاته قيد الاختفاء القسرّي منذ 2/10/2012.
ينظر المركز السوريّ للإعلام و حرية التعبير بالقلق الشديد على مصير المدوّنة السوريّة طلّ الملوحي, ويستهجن عميقاً ممارسات الحكومة السوريّة التي خرقت جميع الشرائع والاتفاقيات القانونية والدولية. إنّ إخفاء طلّ الملوحي بهذا الشكل يثير أكبر المخاوف على حياتها وسلامتها الجسديّة والنفسيّة والعصبيّة, وهو انتهاك فاضح لحقوق الإنسان الدستوريّة, خاصة وأنّ المحكمة التي حكمت على طلّ بالسجن خمس سنوات- وهي محكمة استثنائيّة- تمّ إلغاء العمل بها وحلّها بالمرسوم التشريعيّ رقم 53 بتاريخ 21 نيسان 2011, وهي خطوّة قدّمت لها الحكومة السوريّة باعتبارها إصلاحاتً لإعادة ثقة المواطن بالحكومة عقب الحراك الثوريّ الذي اندلع في آذار 2011, وإخفاءها بهذا الشكل هو خرق من قبل الحكومة السوريّة لقرارات السلطة القضائيّة في سوريا, الأمر الذي ينظر إليه المركز بقلق شديد، إذ يؤكد استمرار وتفاقم سيطرة المؤسسة الأمنية في سوريا على جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها وسلطاتها التشريعية كما التنفيذية.
يطالب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير السلطات السورية بإطلاق سراحها, والكشف الفوري وغير المشروط عن طلّ الملوحي, ويحمّل هذه السلطات كامل مسؤولية سلامتها وضمان حياتها, ويطالب جميع المنظمات الحقوقية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ومعتقليّ الرأي بالعمل والضغط على الحكومة السوريّة لوقف انتهاكاتها الفاضحة لحقوق الإنسان, وممارساتها التي تنتهك جميع الحقوق الدستوريّة والقانونيّة للمواطن السوريّ.